بدأت الإمبراطورية الرومانية بالانحسار ببطء في القرن الثالث الميلادي. وكان أحد أهم أسباب انحسار روما المبكر هو تفشي سلسة من الأوبئة، والأشهر من بينها كان الطاعون القبرصي، الذي قضى على شعب الإمبراطورية، وزاد من صعوبة تجنيد الجيوش ورفع الضرائب من قبل الأباطرة الرومانيين.
أصبح دقلديانوس إمبراطوراً في عام 284 م. وبعد أن رأى استحالة حكم الإمبراطورية نظراً لاتساع مساحتها، قام بتقسيمها إلى قسمين، وخلق بذلك إمبراطوريتين متساويتين ليحكمهما. ومع توالي حكم عدد من الحكام المتعاقبين، تم إعادة توحيد الإمبراطوريتين الرومانيتين الشرقية والغربية إلى كيان واحد. كان ثيودوسيوس الأول آخر الأباطرة الرومانيين الذين حكموا إمبراطورية رومانية موحدة. وبعد موته عام 395 م، تم تقسيم الإمبراطورية الرومانية بشكل دائم. فكانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية تُحكم من القسطنطينية، أما الإمبراطورية الرومانية الغربية فكانت تحكم بالتوالي من قبل روما، وميديولانوم (ميلان)، و رافينّا. (أنظر الخريطة 1 )
في القرنين الرابع والخامس الميلادي، بدأ البدو الرحل هجرتهم من وطنهم في شرق آسيا، وأشاعوا الفوضى في جميع أنحاء قارة أوراسيا. كان الهون إحدى هذه المجموعات المهاجرة، و وصلوا إلى أوروبا في عام 370 م. وقد سبب وصول الهونيين إلى أوروبا حركة اضطرارية بين القبائل الجرمانية، التي كانت قد انتقلت قبل قرون من إسكندنافيا لتستقر على الحدود الشمالية للإمبراطورية الرومانية. وأجبرت هذه القبائل الجرمانية على ترك وطنها والتوجه إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط. فكانت تارة تسكن فيها بسلام، وتارة أخرى تهاجم المدن الرومانية، و تارة تقدم خدماتها التجارية لحماية المدن الرومانية من هجمات الغزاة البربريين الآخرين. كان القوط الغربيون إحدى أولى المجموعات الواصلة، مكتسحة بذلك البلقان بعد أن هزمت جيشاً رومانياً ضخماً في معركة أدرنة عام 378 م، لتهاجر بعدها إلى إيطاليا وتقتحم روما نفسها عام 410 م، قبل أن تقوم أخيراً بتأسيس مملكة لها في منطقة أكيتانيا.
وتبعتها بعد فترة قصيرة قبائل جرمانية أخرى، كقبائل الوندال التي اكتسحت أوروبا الغربية وتوجهت من هناك إلى أفريقيا، حيث احتلت قرطاج، وقامت بتأسيس مملكة فيها. (أنظر الخريطة 2 ) لم يبد الغزاة الجرمانيون أي تردد، حيث قامت قبائل أنجل والسكسون بغزو إنجلترا، مجبرة بذلك روما على ترك الجزيرة عام 410 م. أما قبائل الفرنجة، فتمكنت من السيطرة على كامل بلاد الغال. و احتل القوط الشرقيون إيطاليا. (أنظر الخريطة 3 ) مع حلول العام 500 م، لم يعد للإمبراطورية الرومانية الغربية وجود. حيث تم استبدالها بعدد من الممالك الجرمانية. (أنظر الخريطة 4 ) بينما كانت الإمبراطورية الرومانية الشرقية لا تزال متماسكة، وستبقى كذلك لآلاف السنين لتُعرف بعدها بالإمبراطورية البيزنطية.