الحقبة الهيلينية

اختر الحقبة الزمنية: 315 ق.م. 310 ق.م. 301 ق.م. 276 ق.م. 130 ق.م.
قم بتمرير مؤشر الفأرة على ميزات الخريطة للمزيد من المعلومات
الحقبة الهيلينية

Share


أزمة خلافة الحكم
     عندما كان الإسكندر الأكبر على فراش الموت، سؤل عن من يريده أن يرث مملكته. لكن جواب الإسكندر تعرض للتحريف، حيث أنه يزعم أنه كان قد قال 'كراتيروس'، أعلى جنرالاته مرتبة. إلا أن كراتيروس لم يكن هناك في ذلك الوقت، فقام باقي جنرالات الإسكندر بتفسير إجابته على أنها 'كرات إيروي' (أي "للأقوى").
     و تنازع جنرالات الإسكندر، و الذين يسمون القادة الخلفاء أو الـ ديادوتشي باليونانية، حول من منهم أكثر أحقية بتولي الحكم. و كان 9 من الديادوتشي يتنافسون في الأول على السيطرة على مناطق مختلفة من الإمبراطورية، في مجموعة من الحروب تعرف بحروب القادة الخلفاء.

صعود انتيجونوس
     و كان من بين القادة الخلفاء الأكثر شجاعة انتيجونوس مونوفثالموس ("الأعور"، و سمي كذلك لأنه فقد إحدى عينيه خلال حرب حصار). و كان انتيجونوس أول من أعلن نفسه ملكا من القادة الخلفاء، بدل ساتراب فقط (حاكم). و كان انتيجونوس  يطمح إلى إعادة توحيد إمبراطورية الإسكندر الأكبر عبر التغلب على باقي الحكام من القادة الخلفاء، و اقترب من تحقيق هدفه في العام 315 قبل الميلاد، موحدا معظم الجزء الآسيوي من الإمبراطورية. لكن من بقي من القادة الخلفاء سيتحالفون فيما بينهم لمواجهة انتيجونوس (انظر الخريطة 1 ـ 315 ق.م).

صعود سلوقس
     كان صعود سلوقس  جنديا شابا ترعرع بين صفوف جيش الإسكندر الأكبر. و حسب الأسطورة، فإن العديد من البشائر كانت تشير إلى مستقبله العظيم : عندما كان يمشي للحرب مع الإسكندر الأكبر، قام باستشارة أوراكل ديديم حول ما يخبؤه له المستقبل، فأجابه الأوراكل:

"لا تسرع بالعودة إلى أوروبا؛
آسيا ستكون أفضل لك بكثير."(مصدر)

     و في حادثة أخرى، كان الإسكندر الأكبر في طريق عودته إلى بابل بعد تغلبه على الفرس، فسقط تاجه عن رأسه و نزل في مستنقع. فقام سلوقس بالغطس لإحضاره. و لكي يبقي على التاج جافا، وضعه سلوقس على رأسه و عاد سابحا كي يعيده إلى الإسكندر. و لم يكن هذا الفأل يعني فقط وفاة الإسكندر المأساوية في سن مبكرة، بل أيضا أن سلوقس سوف يحكم في يوم من الأيام إمبراطورية كبيرة. من جهة أخرى، من المحتمل جدا أن يكون سلوقس نفسه قد روج مثل هاته الأفكار، عندما تمكن من تولي الحكم.(مصدر)
حوالي العام 320 قبل الميلاد، كان سلوقس حاكم بابل، لكنه سيضطر إلى الهرب من المدينة عندما قام انتيجونوس مونوفثالموس باجتياحها. هرب سلوقس إلى مصر (انظر الخريطة 1 ـ 315 ق.م). و في هذا الوقت كان من بقي من ملوك الديادوتشي  (كاسندر في مقدونيا، ليسيماخوس في تراقيا ، و بطليموس الأول في مصر) قد كونوا تحالفا و أعلوا الحرب ضد انتيجونوس. و كان سلوقس يشغل رتبة أميرال في أسطول بطليموس الأول البحري و أبدى عن كفاءة كبيرة. وعلى الأرض، كانت جيوش بطليموس قد تغلبت على انتيجونوس في معركة غزة، مما مكّن بطليموس من التقدم على طول ساحل بلاد الشام. قام بطليموس بمنح سلوقس قوة من 800 من المشاة و 200 من الخيالة، كي يتمكن من العودة إلى بابل. و في الطريق، تمكن سلوقس من تجميع 3000 جندي إضافي من المدن و المستعمرات اليونانية، مما سهل استعادة بابل. على الرغم من ذلك، كانت قوى سلوقس جد صغيرة كي تتمكن من المحافظة على سيطرتها على المدينة في ذلك الوقت، لذلك عندما قدمت جيوش انتيجونوس مج جديد لاسترجاع المدينة، أبقى سلوقس على قواه مختبئة في المستنقعات حول المدينة و قام بهجمة مفاجئة خلال الليل. قتل جنرال انتيجونوس و في خضم المعركة، استسلم عدد كبير من الجنود و وافقوا على القتال في صفوف سلوقس. كان لدى سلوقس الآن حوالي 20000 رجلا، لكن ذلك كان لا يزال غير كاف لمواجهة انتيجونوس  في معركة مباشرة. بدل ذلك، توجه سلوقس شرقا و احتل المناطق الشرقية للإمبراطورية. (انظر الخريطة 2 ـ 310 ق.م)
      في السنوات التي تلت ذلك، استمر سلوقس في زيادة قوته. و هزم انتيجونوس أخيرا و لقي حتفه في معركة إيبسوس، و تم اقتسام إمبراطوريته بين المنتصرين. لكن ابنه دمتريوس انتيجونيد تمكن من الهرب من المعركة، و الذي سيقوم بعد عدة سنوات من ذلك بتولي عرش مقدونيا بعد مقتل ابن كاسندر (انظر الخريطة 3 ـ 301 ق.م).

نهاية ليسيماخوس
     في عام 284 قبل الميلاد، قام ليسيماخوس بإلحاح من زوجته أرسينوي (ابنة بطليموس)، بإعدام ابنه الأكبر بتهمة التخطيط للاستيلاء على الحكم. و واجه فعله الشنيع هذا استنكارا كبيرا ، حيث أن العديد من المدن في آسيا تمردت على حكمه و تخلى عن ليسيماخوس أقرب أصدقائه. كانت تلك الفرصة المناسبة التي ينتظرها سلوقس لاجتياح الأراضي الخاضعة لليسيماخوس. و في 281 قبل الميلاد، انتصر جيش سلوقس و قتل ليسيماخوس في معركة كوربيديوم. و بعد أيام من ذلك، وجدت جثته على ساحة المعركة، و لم يبق إلا كلبه الوفي بجانبه، حيث كان يحمي جسده من الطيور الجارحة.
     و أصبح سلوقس المنتصر الآن حاكما لجميع المناطق التي كانت خاضعة لليسيماخوس ، و كان قد بدأ للتخطيط في غزو مقدونيا، و التي كان أخلاف انتيجونوس مونوفثالموس لا يزالون يسيطرون عليها. لفترة ما، بدا من المستحيل إيقاف سلوقس، و كان حلم إعادة توحيد إمبراطورية الإسكندر قريب التحقق. لكن ذلك لم يكن، فبعد وقت قصير من الطريق إلى أوروبا، طعن سلوقس في الظهر من طرف صديق و توفي. و كما قال الأوراكل قبل سنوات طويلة محذرا سلوقس من الإسراع في العودة إلى أوروبا، فذلك تحقق بالفعل، حيث أن نهاية سلوقس كانت عندما ترك آسيا عائدا إلى أوروبا.

الحقبة الهيلينية
     في آسيا، تولى أنطيوخس الأول الحكم بعد أبيه سلوقس. في العام 276 قبل الميلاد، لم تبق هناك سوى ثلاث سلالات من القادة الخلفاء، حيث كانت مناطق نفوذهم موزعة بين القارات الثلاث:الانتيجونيون في أوروبا، السلوقيون  في آسيا، و البطليميون في مصر (انظر الخريطة 4 ـ 276 ق.م). و قامت كل من هاته الممالك الثلاث بتحقيق الاستقرار التدريجي بحيث تمكنت العائلات الحاكمة من المحافظة على الحكم طيلة القرنين اللاحقين. لكن هذا لا يعني أن الاصطدامات فيما بينهم كانت منعدمة، على العكس، استمروا في شن الحروب على بعضهم البعض رغم وجود علاقات مصاهرة بين العائلات الحاكمة.
  رغم عدم تمكن أي من القادة الخلفاء أو أخلافهم من إعادة توحيد إمبراطورية الاسكندر الأكبر، فإن الثقافة اليونانية عرفت ازدهارا في تلك الفترة. حيث كان القادة الخلفاء، بكل حكمة، يشجعون على اختلاط اليونانيين بالشعوب الأصلية في ممالكهم، مما أدى إلى انصهار الشرق و الغرب. فأصبح العديد من اليونانيين المستقرين في الشرق الأدنى و مصر، و اليونان يمثلون لغة تواصل مشترك في شرق البحر المتوسط. و صارت الإسكندرية في مصر، مع مكتبتها العظيمة، مركزا عالميا للمعرفة. و تعرف فترة التوسع الثقافي اليوناني هاته بالحقبة الهيلينية.

فترة التدهور
     في القرن الثاني قبل الميلاد، بدأ العالم الهيليني يتعرض لتدخلات من طرف الإمبراطوريات الناشئة الجديدة في روما في الغرب، و پارثيا في الشرق (انظر الخريطة 5 ـ 130 ق.م)، و لم تتمكن ممالك القادة الخلفاء من الإتحاد في وجه هاته التهديدات، و لم تلبث أن تسقط واحدة تلو الأخرى. قام الرومان أولا بغزو مقدونيا و اليونان، ثم أخذوا ما تبقى من المملكة السلوقية بعد أن قام البارثيون باحتلال جزء كبير منها. و أخيرا، قام الرومان باحتلال مصر، بعد حرب  أوكتافيان ضد أنتوني و كليوباترا، آخر حاكم بطليمي في مصر.

 



حقوق نشر جميع الخرائط محفوظة لـموقع ExploreTheMed ما لم ينص على خلاف ذلك